9112024
الإسرائيليون يتخوّفون على كيانهم المؤقّت ويقولون بصراحة أنهم يخوضون حربَ الحفاظ على وجودهم: كلّ شيء ينبئ بذلك على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والمعنوية، والخطر اليوم يلازمهم طالما أن بقاء جيش العدو صامداً لا يمكن أن يتحقّق من دون وجود الأميركي في المتوسّط ببوارجه ودعمه بالسّلاح والذخيرة والخبرات. وهنا مكمن الخطر الوجودي الذي يهدّد الكيان الصهيوني. فهو لن يبقى في حال اندحر الداعم الأكبر له "الأميركي".
من جهة المقاومة والمحور المقاوم: نحن أيضاً نخوض حرب وجود، حيث السقوف ارتفعت الى حدٍّ يسمح بهذا القول، ولقد اغتيلت قيادات كبيرة في المقاومة وعلى رأسهم شهيد الأمة السيد حسن نصرالله رضوان الله عليه.
الصهاينة لا يستطيعون التقدّم في جبهة الحافة الجنوبية للبنان وتكبّدوا الخسائر الكبيرة وانكسرت شوكتهم وتراجعوا من محاور عدّة. ولا يزالون يحاولون وسط غطاء كثيف من القصف المدمّر من سلاح الطّيران الحربي، وتفخيخ حزامٍ كبيرٍ في القرى الحدوديّة مقدمّة لإنشاء شريط حدودي في أرض محروقة، ظنّاً منهم أن ذلك سيمنعهم من المقاومة. إلا أن المواجهات التي تحصل في كثير من المواقع كانت من مسافة صفر، ما يعني فشل هذا الحزام في تحقيق الغاية العسكرية الصهيونية منه.
•إذاً هذه الحرب ليست ككل التي سبقت. الإجرام الصهيوني لا مثيل له (ما ألقاه جيش العدو يقدر بآلاف الأطنان خلال سنة وشهرين بكلفة مليارات الدولارات ) وتصدي المقاومة له لا مثيل له كذلك (ملاحم الخيام مثلاً سطّرت انهزام وهروب المعتدين الجنود والضباط الصهاينة وسط عويلهم وصراخهم) ولو أن جيشاً تلقى ما تلقته المقاومة، من اغتيال أمينها العام ومن كان سينوب عنه وقادتها العسكرية وخروج أكثر من 3000 مقاتل من الخدمة خلال 4 ثوان بتفجير أجهزة البايجر والتوكي ووكي، لألقت سلاحها أمام هجوم 70 ألف جندي مدجج بكل سلاح متطور ومسنود بأحدث الطائرات الحربية F15-16-35 والبوارج والمدافع والدبابات والمسيرات والأقمار الصناعية، لكنها استوعبت الصدمة في مرحلة الهجوم واستعادت زمام المبادرة وبدأت هي بالهجوم، وهو ما تجلى في ضرباتها العنيفة والواسعة لعدد كبير من المواقع العسكرية والتسلّحية والصناعية وصولاً إلى تفجير غرفة نوم نتن ياهو بمسيّرة اخترقت كل الدفاعات العسكرية للعدو). فما حققته المقاومة لم تستطيعه أربع جيوش عربية قوامها 547000 جندي عام 1967؛ خلال ستة أيام احتلت إسرائيل ما يوازي ثلاثة أضعاف مساحتها منذ عام 1948 [التي بلغت نحو 77% أي حوالي 20 ألف كيلومتر مربع من مساحتها الإجمالية 27 ألف كيلومتر مربع]. وقتل في هذه الحرب ما بين 15 ألفاً إلى 25 ألف عربي، وأصيب حوالي 45 ألفاً، في مقابل مقتل نحو 650 إلى 800 إسرائيلي، وإصابة ألفين. كما ترتب عليها تهجير نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة وغزة.
لكن الجيش الصهيوني اليوم في مواجهة المقاومة الإسلامية لم يستطع التقدم في قرية واحدة بعد أكثر من شهر الا لمسرحيات التصوير ثم الهروب.
ما هو أفق هذه الحرب؟
-مجريات الأمور مع الصهاينة في السياسة والميدان يشير الى تمسك نتن ياهو بمتابعة الحرب مهما حصل مستقوياً بما أنجزه جيشه من اغتيالات وقصف للقرى
وسيقيل كل من يعيق مخططه، لأنه يدرك أن نهايته في انتهاء هذه الحرب. ولن يتراجع إلا إذا فرض الميدان ذلك ما يشكل ضغطاً كبيراً يهدد وجود الكيان برمته، عندها فقط ستفرض القوى الداعمة له أن يوقف الحرب. وهذا هو أفق العمليات العسكرية الحقيقي.
النائب السابق د.أنور جمعة ~ 9-11-2024